مالذي يجعل الطفل سعيد ؟
كلنا نريد نفس الشيء لأطفالنا ،نريدهم أن يكبروا وأن يحبوا الناس ويكونوا محبوبين كذلك ،أن يتبعوا أحلامهم ويحققوها ،أن يكونوا ناجحين في حياتهم
وكذلك نريدهم أن يكونوا سعداء ،ولكن ما مدى تحكمنا بسعادة أطفالنا وهل يمكننا أن نجعلهم تعساء بغير قصد ؟
إحدى صديقاتي لديها طفلين الولد الأكبر 7 سنوات دائماً حزين منذ ولِد وهو متجهم أغلب الوقت ، أما إبنتها 5 سنوات فهي مشرقة الوجه دائماً
وتجعل من يراها يشعر بالسعادة ،إبنها يستيقظ من النوم عابس الوجه ،أما إبنتها تصحو كل يوم بإبتسامة ،واضحة مزاجاتهم منذ الطفوله
ولو بشكل جزئي ، من أساس جيناتهم ، ولكن ذلك لا يحدد سعادتهم بشكل نهائي يؤكد د.بوب موراي-حاصل على درجة دكتوراة -مؤلف كتاب
(تربية طفل متفائل) : “قد يكون هناك ميل وراثي عند الطفل للإكتئاب ولكن الجينات لدينا مطيعة -قابلة للتعديل- ويمكن أن تعمل أو تتوقف بحسب البيئة المحيطة ” كما يقول في كتابة “إن الطفل السعيد المتفائل هو نتاج منزل سعيد ومتفائل بغض النظر عن التركيب الجيني لدى الطفل ، لذلك السؤال هو : مالذي يمكنك القيام به لإنشاء منزل حيث ينشأ طفلك فيه بسعادة ؟
إقرأي معي هذه السبع إستراتيجيات التي من شأنها تعزيز قدرة طفلك على الإستمتاع والشعور بالسعادة..
الروابط الإجتماعية:
الطريقة المضمونة دائماً لحماية الحياة العاطفية لطفلك هي مساعدتة على الشعور بالتواصل معك والإرتباط بك والإرتباط بأفراد الأسرة والجيران
وأصدقائة في الحضانة وحتى مع الحيوانات الأليفة (التواصل في الطفولة هو مفتاح السعادة )
كما يقول الدكتور إدوارد هالويل طبيب نفسي للأطفال ومؤلف كتاب (The Childhood Roots of Adult Happiness) سعادة البالغين من جذور الطفولة
في دراسة تضمنت 90.000 مراهق أن الترابط والشعور بالمحبة والتفهم و قيمة الطفل والحاجة إليه كفرد في الأسرة هو أكبر حماية للطفل من البؤس والإضطراب العاطفي في المراهقه والأفكار الإنتحارية والسلوكيات الخطره بما فيها التدخين والشرب وتعاطي المخدرات .
لحسن الحظ يمكننا تعزيز الإتصال الأساسي أو الحلقة العاطفية الأولى للطفل وهي صلتة بوالديه عن طريق الحب الغير مشروط
أو كما يسمية الدكتور هالويل (حب مجنون أبدي) ويقول: (إذا كان لدى الطفل شخص واحد فقط يحبه بدون قيد أو شرط فهو أقرب ما يكون إلى التحصين ضد البؤس )، وليس كافياً أن تشعر أنت بهذا الحب العميق تجاه طفلك فعليك أن تحسسة بهذا الحب وتظهره له بأن تمسك بطفلك
وتعانقة كثيراً ،أن تستمع لصرخاته بحنية وعطف ،أن تقرأ له بصوت عالي يسمعه ، أن تأكلا سوياً وتلعبا سوياً وتضحكا .
وفي الوقت نفسة أن تسمح له وتوفر له الفرصة لتشكيل روابط محبة مع الآخرين كذلك ، فكما يقول أستاذ علم الإجتماع كريستين كارتر :(نحن نعلم بعد 50 سنة من الدراسات والبحث أن الصلات الإجتماعية مهمة بشكل كبير إن لم تكن الأهم على الإطلاق للإحساس بالسعاده)
ويقول كارتر :(إنها ليست فقط نوعية الصلات الإجتماعية وجودتها ولكن أيضاً كميتها -الروابط الإجتماعية التي يكوّنها طفلك- كلما زادت كان أفضل له)
لا تحاول جعل طفلك سعيداً
يبدو كلاماً غير متوقع خاصة وأننا نبحث في سعادة طفلك ولكن أفضل ما يمكنك فعلة للحفاظ على سعادة طفلك على المدى الطويل هو
الكف عن محاولة إسعاده على المدى القصير (فلو وضعنا أطفالنا في فقاعة وحققنا لهم كل ما يتمنون ويرغبون به ،هذا ما سيتوقعونه إذا كبروا
ولكن العالم والحياة الحقيقية ليست كذلك أبداً ) هذا ما قاله بوني هاريس كاتب (When Your Kids Push Your Buttons: And What You Can Do About It)
لتكف عن المبالغة في تدليل إبنك إعلم إنك لست مسؤولاً عن سعادته فالأباء الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه مشاعر أبنائهم هم من يجدون
صعوبة في إتاحة الفرصة لهم ليجربوا مشاعر الغضب والحزن والإحباط ،فنسارع لإعطائهم ما نظن أنه سيعيد الإبتسامه لوجوههم ، أو نسارع لحل
ما يزعجهم .
للأسف فالأطفال الذين لم يتعلموا التعامل مع مشاعرهم السلبية هم من تسحقهم هذه المشاعر في عمر المراهقة والبلوغ.
متى ما تقبلت كوالد أو والده أنك لست مسؤولاً عن إحساس طفلك بالسعادة أو أي إحساس أخر بنفس الأهمية ستكون أقل ميلاً
إلى محاولة إرضاء طفلك وأكثر وعياً لتتخذ خطوة إلى الوراء في مثل هذه المواقف وإلتزام الصمت والسماح لطفلك بمعالجة مشاعره بنفسة وتطوير مهارات التكيف والصمود ،وستجد طفلك أكثر وعياً للعودة للخلف وإستعادة توازنه في نكسات الحياة
عزز سعادتك أنت
بما أننا لا نسيتطيع التحكم بسعادة أطفالنا فنحن مسؤولون عن سعادتنا نحن، وبما أن الأطفال يمتصون كل شي منّا ،فمزاجنا مهم
الآباء السعيدون عالأغلب يحظون بأطفال سعداء ،كما أن أبناء المكتئبون يعانون الإكتئاب ضعفين (إكتئاب أبآهم وإكتآبهم)
نتيجة لذلك كما هو واضح فإن أفضل ما يمكنك تقديمة للحفاظ على صحة طفلك العاطفية هو الإهتمام بصحتك العاطفية :إستقطع
وقتاً لراحتك ،الإسترخاء، والأهم الرومنسية ،عزز علاقتك مع شريك حياتك فكما يقول موراي:(إذا كان الوالدين ملتزمين برابطة جيده وسعيدة ،فإن سعادة الأطفال تتبعها تلقائياً)
الثناء على الأشياء الجيدة
ليس من المستغرب فالدراسات تربط الثقة بالنفس بالسعادة دائماً،كذلك أطفالنا لا يمكن أن يملكوا أحدها دون الآخر -الثقة بالنفس والسعادة-هذا الشيء نعرفة بالفطرة ولكنا نتحول للتشجيع المفرط فنثني على شخابيط الطفل لدرجة أننا نعتبره بيكاسو القادم وإذا سجل هدف نعتبره بيكهام الجديد وكذلك، إن هذا النوع من التشجيع المفرط قد يأتي بنتائج عكسية.
إذا كان الطفل لا يسمع إلا هذا التشجيع المفرط فهناك خطر عليه أن يعتقد أنه يحتاج لموافقتك ليحصل على النجاح بما يؤدي لأن يخاف أن تكف عن محبته إن لم ينجح (يخاف يطيح من عينك).
كذلك مدح أشياء محدده كالذكاء والجمال واللياقة قد تؤدي إلى تقييد ثقة الطفل بهذه الأشياء لاحقاً فيكبرون معتقدين أنهم يمتلكون مهارات خارجة
عن نطاق سيطرتهم أو تكون عابرة في مرحلة الطفولة.
فإن كنت تثني على أشياء مؤقتة وزائلة على سبيل المثال : الجمال ،فماذا تتوقع أنه سيحدث؟ حين تكبر البنت وتتقدم في العمر وتفقد هذا الجمال
كم من الإهتمام والعناية والمساحيق تكفيها لتعتقد أنها تستحق الإهتمام؟ .
كما يقول موراي أن الأطفال الذي يُثنى عليهم أنهم لامعين ولمّاحين يصبحون فكرياً خجولين أو يقيدون تطورهم الفكري
خوفاً من أن ينظر إليهم كأقل ذكاءً أو حتى أغبياء إذا لم ينجحوا.
عموماً فالحل لهذا كله هو أن نمدح ونُثني على الطفل ولكن نُثني على الجهد وليس النتيجة فنمدح الإبداع والإبتكار ،العمل الشاق
المثابرة ، التي تؤدي إلى إنجاز أكثر منها بحد ذاتها يعني( نمدح المثابرة في الطفل فنجده يثابر في دراستة وفي لعبه وفي نشاطاته كلها
بذلك نحقق نتائج عديدة في مدح جهده وليس نتيجته )
فالهدف هو تعزيز النمو العقلي لطفلك ،والإعتقاد بأن الناس تنجز وتنجح بالعمل الجاد والمثابرة والممارسة وليس بالموهبة الفطرية
فالطفل الذي يُثنى على مواهبة الفطرية يحتاج لأن يثبت نفسة مراراً وتكراراً
كما يؤكد كارتر: (تشير الدراسات إلى أن الأطفال ذو النمو العقلي السليم يؤدون أفضل ويستمتعون بإنجازاتهم أكثر لأنهم
غير قلقين مما يظنه الناس بهم إن فشلوا )
لحسن الحظ فقد أثبتت الدراسات أنه من الممكن أن تعزز النمو العقلي لطفلك بنص واحد بسيط جداً وهو : ( لقد أحسنت في فعل -شيئاً ما- لابد أنك عملت بجهد حقاً) لذلك نحن لا نقول لا تمدح طفلك أو لا تُثني عليه ولكن ركز جيداً على أن تمدح شيء تحت سيطرة طفلك وبتحكمه .
السماح بالنجاح و بالفشل
بالطبع أن كنت تريد تعزيز ثقة طفلك بنفسة ركز على أن تقلل المجاملات وتتيح فرص التعلم ليكتسب مهارات جديدة ،ليكتشف المجهول
ليس أساس الثقة بالنفس هو الثناء كما يعتقد البعض .
لحسن الحظ حين نتكلم عن من هم أقل من 4 سنوات فكل شيء بالنسبة لهم هو فرصة لتعلم أشياء جديدة وأكتشاف للمجهول
لأن كل شيء يعتبر جديد عليهم :تعلم الحبو ، المشي ، الأكل ،أن يلبسوا بأنفسهم ،إستخدام الحمام، قيادة دراجة ، فالتحدي لنا كأباء
هو أخذ خطوة للوراء وإتاحة الفرصة لهم ليختبروا أنفسهم ويتعلموا بأنفسهم ،فإن من أكبر أخطاء الأباء الجيدين
هو أنهم يفعلون لأبنائهم أكثر من المطلوب ،
مع أنه من الصعب مشاهدة طفلك يعاني ولكن لن يجرب إثارة إكتشاف المجهول مالم نسمح لهم بالمخاطرة بتجربة الفشل -مثل السقوط من الدراجة-أو – فوضى محاولة الأكل بالملعقة -، القليل فقط من المهارات تُتقن من المرة الأولى ، ولكن عن طريق التدريب وتكرار المحاولة يتقن
أطفالك ويطورون فكرة (الممكن) -أي الممكن عمله وأن لا شيء مستحيل مع التكرار والمحاولة -مما يجعلهم يواجهون تحديات المستقبل
بحماس وتلذذ و تفاؤل الذي هو أساس السعادة في الحياة.
إعطاء مسؤوليات حقيقية
السعادة تعتمد على إحساسنا بأن ما نقوم به مهم وقيمته لدى الآخرين ،”بدون هذا الشعور، نخشى أننا قد نُستثنى من المجموعة. وتظهر الأبحاث أن ما تخشى البشر أكثر من أي شيء آخر هو الإستبعاد”.
بعبارة أخرى الناس لديهم حاجة فطرية للشعور بأن هناك حاجة لهم ، بالتالي فأن أكثر ما يمكنك نقلة لطفلك هو إحساسة بأنه يُسهم إسهاماً فريداً
في أسرته فكلما كان ذلك منذ سن مبكره كلما أدى ذلك لإحساسة بالثقة بنفسه والسعادة ،مثلاً أطفال بعمر3 سنوات
يمكن أن يُسهموا بأدوار فعّالة وذات مغزى في الأسرة مثل أن يعيد تعبئة صحن الماء للعصافير أو أن يرتب المناديل على السفره
،وإن كان ممكناً أن تُعين هذا الدور الموكل لطفلك في نقاط قوته ،كأن يكون يحب ترتيب الأشياء فتعطيه الملاعق والشوك ليفرزها
أو إن كانت تحب الرعاية قد تُعطى مهمة تسلية أخيها الطفل لحين تحضير العشاء ، طبعاً طالما أنك تقر له بأنه يقوم بمساهمة في الأسرة
كل هذا سوف يزيد من إحساس الطفل بإرتباطه مع أسرته وزيادة ثقته بنفسه فهذه النقطتين هي متطلبات السعادة الدائمة.
تعويد الطفل على الإعتراف بالإمتنان
أخيراً الدراسات عن السعادة دائماً تربط بين الشعور بالأمتنان و التطور العاطفي الصحي وبحسب دراسات في جامعة كاليفورنيا وأماكن أخرى
فإن الناس الذي يحافظون على الإمتنان بشكل يومي أو أسبوعي هم الأكثر تفاؤلاً وبالنسبة لطفل فهذا صعب أن يقوم به بنفسه
لذلك فإن سؤال كل شخص من الأسرة عن أكثر ما يشعر بالأمتنان عليه كل يوم وتخصيص وقت لذلك وهو الحفاظ على الصلاة
وحمد الله وشكره على نعمة ومساعدة الطفل على تحديد بعض النعم التي يشكر الله عليها – لئلا ينزع للجحود -والأهم من ذلك أن تلتزم الأسرة
بهذه العبادة فهي تنمي كل المشاعر الإيجابية وتقود إلى السعادة الدائمة