أعظم وأشهر اربع أمهات فى تاريخ البشرية .
القرآن الكريم لا ينضب عطاءه ولا تنتهى معجزاته ،ولا تنفد كلماته ،ومهما حاولنا أن نقول أننا إقتربنا من فهم حقائقه ،نكتشف اننا لا زلنا على بعد أميال وأميال من شاطئ محيطة الملىء بالأسرار والكنوز المعرفية . ومن اسراره المنيرة ما حكاه لنا عن اعظم أربع أمهات قانتات عابدات فى تاريخ البشرية لنقتدى بإيمانهن رجالا ونساء . وليكن علما مرفوعا خفاقا وسراجا منيرا ينير طريق المؤمنات الصادقات إلى إخلاص دينهن لربهن سبحانه وتعالى .
1-هاجر – زوجة نبى الله إبراهيم ،وأم ولده نبي الله إسماعيل ،عليهما السلام .
2-وأم نبى الله موسى عليه السلام .
3-وإمرأة فرعون .
4-مريم إبنت عمران .ام المسيح عيسى عليها وعليه السلام .
الأولى – هاجر أم اسماعيل ،وزوج نبى الله إبراهيم حكى القرآن عنها وعن وليدها إسماعيل قائلا .(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ. ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نُعلن وما يخفى على الله شىء فى الأرض ولا فى السماء ) إبراهيم 37-38.
فتخيلوا أما برضيعها أو وليدها فى سنواته الأولى يختبرها ربها رب العزة جل وعلا ،فى إبتلاء لم تتوقعه ولا يمكن ان يخطر على بالها ابدا ، بأن يذهب زوجها بها وبإبنها الصغيرمئات الأميال من موطنهما الأصلى إلى صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، ولا بشر يستأنسون به ، ولا اى مظهر من مظاهر الحياة ،ولا اى مصدر من مصادر يساعده على الحفاظ عليهما احياء فى صحراء مكة وبين جبالها ، ويتركهما وحيدين !!!!!!!!!فتتقبل هى هذا الإبتلاء العظيم ، طاعة لله ،وتنفيذا لأوامره ،وثقة فيه سبحانه انه لن يُضيعهما أبدا .
الثانية – أم موسى .عليها وعليه السلام .
أم موسى تعرضت إلى إمتحان شديد القسوة لا يمكن النجاح فيه بالحسابات العقلية والعاطفية مهما حاولنا التفكير فيه . وهو أن ـتُلقى برضيعها صاحب اليوم أو يومين من مولده فى نهر أو كما قال عنه القرآن يم (اليم) .لتنقذه من القتل على يد فرعون مصر!!! . وكأن لسان حالها فى الوضع الإنسانى البشرى يقول (يموت بأيدى أحسن ما يقتله الفرعون ،او كما نقول ،بيدى لا بيد عمرو) .فأى إمتحان هذا ،وأى إختبار فوق طاقة البشر هذا لا يُمكن أن تُقدم عليه أُم فى العالم كُله ؟ ولكنها فعلت هذا إستجابة لوحى الله وإيمانا به ،وبوعده سبحانه الذى لا يُخلف الميعاد .وصبرت وكان وعد الله لها ان رده اليها كما وعدها ،وأصبح إيمانها وفعلها قرآنا يُتلى إلى أن تقوم الساعة . فى أكثر من سورة وفى أكثر من آية فى قصصه عن فرعون و موسى و بنى إسرائيل حين قال عنها وعن رضيعها ،وأخته .( واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليهفالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين) …..( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)……..( وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) (فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)..
وهنا تتجلى قوة الإيمان بالله، وبوعده،والصبر على إبتلاءه حتى أتى نصر الله وتحقق وعده الصدق ،فهل تتأسى أمهات اليوم بإيمان وصبر أم موسى عليها وعليه السلام .؟؟؟
الثالثة –إمرأة فرعون
التى ضرب الله بها مثلا للمؤمنين. تخيلوا زوجة الإله المزعوم ، الذى كان يقول للناس (انا ربكم الأعلى ) ،ينادى فى أهل مصر ويقول (اليس لى مُلك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) . كانت كافرة به ، مؤمنة بربها الرحمن، الواحد الأحد .ومن إيمانها هذا إستمدت قوة كانت أقوى من فرعون وملأه وجنوده ،وكلمتها ورغبتها فى قصرها اوامر لا تُرد . ففى الوقت الذى علا فرعون فى الأرض،وراح يقتل الأطفال، ويستحى النساء ،أمرته الا يقتل طفلا رضيعا وجدته فى النهر ،لتتخذه إبنا لهما ، وليتحقق وعد الله بنجاة موسى ،وليتربى ويكبر فى قصر الفرعون عدوه الأول ،ولتكون هى صورة من صور عناية الله لموسى ،ولهلاك فرعون وجنوده بعد ذلك ، وليضرب الله بها وبإيمانها مثلا للمؤمنين عبر التاريخ البشرية وإلى أن تقوم الساعة . فحكى القرآن عنها وعن موقفها مع موسى .( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)).
(وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
فكانت جائزتها … (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
الرابعة -مريم إبنت عمران . أم المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام .
فنسبها طاهر عن طاهر عن طاهر ،وهى ممن قال رب العزة فيهم (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)
وقال عنها وعن أمها (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
وبرأها القرآن وشهد بطهارتها وعفتها حين قال عنها (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)..
وقصة حملها، ومخاضها وميلاد عيسى عليه السلام،وكلامه فى المهد ،ونبوته ورسالته ومعاناته مع بنى إسرائيل ،نعرفها من خلال قصص وعبر القرآن الكريم جميعا ،فليس مجالها الآن ..
نحن نتحدث عن أمه ، عن مريم إبنت عمران ،وعن قنوتها وإيمانها ،وتصديقها بكلمات ربها وكُتبه لنتعلم منه ،ولتكون قدوة وأسوة حسنة لأمهاتنا ،وبناتنا أمهات المستقبل .
فرحمة الله على أعظم أمهات وقفن مواقف إيمانية و قدمن بطولات صادقة فى تاريخ البشرية ،ونسأل الله ان يجمعنا بهم فى جناته يوم الفوز العظيم .
بقلم عثمان محمد علي