أنثى
قائمة الملهمات ليست أي قائمة عشوائية, مع أنني لم أقابلهن من قبل (على الأقل لم أصافح أي واحدة من هن)، فلكل واحدة منهن تأثير على حياتي الشخصية. على مر السنين و بينما أسمع قصص حياتهن أو أرى أعمالهن، أخذت على عاتقي معنوياتهن العالية، مثابرتهن و إستعدادهن للبقاء وفيات لغاياتهن رغماً عن كل الخلافات و المخالفين.
كل امرأة كانت أو ما زالت رائدة بطبيعتها, دروسهن ألهمتني لأن أصبح أكثر مما أنا عليه، أن أكون أقوى و أن أحقق أهدافي مهما كان ثمن تحقيقه حتى و أنا لست بأفضل أحوالي.
لم أقم بجمع هذه القائمة بترتيب معين، فأنا أشعر أن تأثير كل واحدة منهن كان متساوي.
فريدا كاهلو (1954-1907)
فريدا كاهلو كانت تعاني مرض شلل الأطفال (polio) منذ الصغر, تعافت ولكن في آخر مراهقتها عندما كانت تركب حافلة و اصطدمت بسيارة أخرى, عانت بعد هذه الحادثة من عدة كسور، بالإضافة إلى عدة منها في عمودها الفقري , و طُعنت بجوفها بعمود حديدي, لحسن حظها أنها نجت، و لكنها قضت سنة كاملة متلازمة سريرها وهي تتحمل الألم المركز, لم تكن تقدر على الحركة حينها لأن الضمادات الجبسية كانت تغطي أغلب جسدها.
كان عليها القيام بشيء و هي مستلقية، فقامت عائلتها بتركيب مرآة على سريرها، فبدأت برسم لوحات للصور الذاتية و التي تمثل الشكل الحقيقي, كانت لوحاتها تفاجئ الجميع، فكانت و كأنها تضع كل جهدها و روحها في العمل.
لاحقاً، إستطاعت المشي من جديد، فحصل و قابلت دييغو ريفيرا، فنان جداريات, بدلوا بعلاقة طويلة المدى، لكن تأثيره القوي عليها ساعدها هل أن تكون فنانة مستقلة بأعمالها و إسمها.
لقد عانت (كاهلو) الكثير من الآلام الجسدية و النفسية مدى حياتها، و لكنها لم تستسلم و لم تتخلى عن الرسم. فقامت برواية قصة حياتها عن طريق عملها الفني، و بدأ العالم بالقراءة حينها!!
عندما علمت بعقمها و عانت من الإجهاض، قامت ب”صب” نفسها في لوحاتها التي جسدت معاناتها.
كيف أثرت كاهلو علي:
لطال ما أحببت الفن و الرسم. لبعض السنين، بدأت برسم صور ذاتية لنفسي، لأنني عندما كنت أقوم بذلك، كنت أتعلم الإستقلالية و مساعدة نفسي بنفسي. و لأن فريدا كان عليها النظر إلي نفسها كما هي، كنت أنا كذلك أنظر إلى نفسي كما أنا من دون تغيير. و لكنها أثرت بعملي الفني بطرق مختلفة. كانت لاتينية و أنا لدي الأصول اللاتينية أيضاً. هي كانت تحب الألوان، وكذلك أنا. لم يكن جسدها الجسد المثالي، و كذلك أنا.
مع أنني لا أرسم صور لنفسي حالياً، فإن تأثير كاهلو هو الذي عمَّق تقديري للفن و أجبرني على النظر إلى نفسي و تقبل نفسي كما أنا بالضبط و أن أكون فخورة بذلك..
إيميلي ديكينسون (1886-1830)
إيميلي ديكينسون كانت شاعرة محترفة, أصلها من أمهرست، ماساتشوستس، ضاحية أمريكية صغيرة حينها, كان أبوها متشدد جداً حيث أنه لم يسمح لأبناءه بقراءة أي كتاب غير الإنجيل، لذلك كان أخوها الكبير يهرب كتباً مختلفة من مدرسته و يسمح لأخواته بقراءتها بالسر.
حضرت إميلي مدرسة ماونت هوليوك لسنة تقريباً، لكنها بعد ذلك عادت إلى المنزل, كانت هي ملتزمة بذاتها و لكن التشدد الزائد الذي يقيدها كان يحاصرها.
بعد العودة إلي المنزل من جديد، بدأت بقراءة كتب لبعض الكُتّاب المحترفين و الأدباء الكلاسيكيين. بحلول عام 1858، بدأت بالكتابة الجدية، و أنهت 52 قصيدة. من دون تدريب رسمي، ولكن بإستخدام ما تعلمه عن شايكسبير و كتاباته و الإنجيل و بعض المراجع الأخرى، إستطاعت إميلي كتابة قصائد لم تلتزم بالموشحات و الأشكال التقليدية. كما أحبت إستخدام القواميس كمراجع لإختيار كلماتها، و التي أعطت تأثيرات مذهلة لأعمالها.
كما قامت بكتابة رسالة لتوماس ونتوورث هيغينسون من “أتلانتيك الشهرية” و أضافت أربعة من قصائدها، فقام بمساعدتها بتحريرهم. ولكن و مع الأسف، كم يمن إلّا بعد موتها أن قام هيغينسون بإنهاء تحرير قصائدها و وجد ناشراً لنشر أعمالها.
طوال حياتها، لم تكن تريد نشر قصائدها، فلم تكن تريد أن تفشل في المجال، و إن نجحت، فهي لا تريد أن تُفهم خطأ.
قامت ديكينسون بإنهاء أكثر من 1800 قصيدة في حياتها. فقط القايل من الناس علم بهم، حتى أن أختها لم تكن تعلم عنها!!
إلى يومنا هذا، تعتبر قصائدها من القصائد المفضلة بين العلماء، حتئ أن البعض منهم يعتبرها قائدة “الأبيات الشعرية الحرة”.
كيف أثرت ديكينسون علي:
كانت طريقة تربيني مختلفة، فأنا كبرت بدار مسنين، و هو كان عملاً أسسته أمي، والتي كانت دائماً تحب و تحترم المسنين في المجتمع. في غالبية الأحيان، لم أكن ألقي بالاً لذلك، ولكن معرفة أن أغلبية من أعرف و أحب يموتون في وقت قصير بهد معرفتهم خلق تأثيراً كبيراً في داخلي.
كنت في المدرسة المتوسطة حينما مررت بقصيدة إميلي ديكينسون “لأنني لم أقدر على إيقاف الموت”، و كان علينا حينها حفظ قصيدة و تسميعها كواجب مدرسي، فاخترت هذه القصيدة خصيصاً لأني شعرت و كأنها تحدثني خصيصاً و تهدأ مخاوفي تجاه الموت.
كانت ديكينسون إستثنائية أيضاً، مع أنني لا أعتبر نفسي شخصاً منعزلاً، فأنا منطوية. أحب البقاء في المنزل، و في بعض الأحيان، يكون هناك سوء تفاهم مع الناس الأكثر إنفتاحاً. من الجميل أن تعرف أن بإستطاعتك تحقيق أشياء عظيمة، وأن بإمكانك أن تكون تأثيراً واضحاً على غيرك حتى لو شعرت أن الآخرون لم يفهموك بشكل تام.
ميري كيوري (1934-1876)
ولدت ميري كيوري ك”مانيا سكلودوفسكا” في بولاندا. واجهت الكثير من المشاكل مدى حياتها. كان أبوها بروفيسوراً في إحدى الكليات، و لكنه أقيل عندما علمت السلطات الروسية أنه يدرس باللغة البولاندية. كما تم التحقيق مع “مانيا” لأنها كانت تَدرس كتباً باللغة البولاندية أيضاً. بعد ذلك بفترة لا تعتبر طويلة، ماتت إحدى أخواتها الكبار من مرض التفوئيد و من ثم والدتها بعد صراع طويل مع مرض السل. لم يكن إلّا بعد وفاة والدتها أن فهمت لماذا لم تقترب والدتها منها من قبل أو لم لم تقبلها.
بعد ذلك أصبحت مربية، تعيش مع و تعلم طفلين لمساعدة أختها لكي تستطيع (أختها) دخول كلية الطب في باريس. لم يكن أمام أي واحدة منهن إلّا فرنسا من أجل دخول الكلية لأن جامعة وارساو في بولاندا لم تكن تقبل النساء. و عندما إنتهت أختها من الدراسة و أصبحت طبيبة، قامت ببعث مانيا لتبدأ دراستها في السوربون.
هناك، قابلت بيير كيوري، و الذي سمح لها بدخول معمل لم يستخدم من قبل، و الذي احتاجت له لإكمال دراستها بالفيزياء. كان بيير زميلها، و لكنه أحبها و تقدم إليها، بعد زواجها أصبحت “ميري كيوري”.
معاً، عملا على عزل مادة الراديوم. ولكن لم يكن لهم من يدعمهم، فكان هناك نقص متلازم للدعم المالي و الأدوات، فكانوا يعملون في الساحة الخلفية لكلية الفيزياء من دون تدفأة أو تبريد. حاول بيير إقناع ميري بالتوقف عن العمل و الإنتظار حتى يأمنواالمال الكافي و المكان المناسب للعمل و لكن من دون جدوى. فكانت ميري مقتنعة أن مادة الراديوم تستطيع مساعدة الإنسانية بشكل مميز و أن هدفها الأساسي هو أن تقوم بعزل مادة الرديوم، و دراستها و التعرف على إستعمالات خاصة بها.
عملهما الجاد رغم الصعاب كان ذا فائدة كبيرة لهما، حيث أنهما حازا على جائزة نوبل في الفيزياء لقيامهم بعزل و قياس الوزن الذري لمادة الراديوم.
أكملت ميري دراستها حتى بعد أن دهست إحدى العربات زوجها بيير، مما أصابه بإصابات بالغة في رأسه و أدى إلى وفاته، ولكنها لم تكن مثلما كانت من قبل.
أخذت ميري منصب زوجها الراحل كأول محاضِرة في السوربورن. لم تكن هذه خي المشكلة الوحيدة، أضف إلى هذه المشكلة مشكلة مواجهة الصحفيين و زملائها الذين لم يتركوها لوحدها لأنها مولودة في الخارج و أنها امرأة. و مع كل هذه الصعوبات و التحديات، حازت هلى جائزة نوبل ثانيةفي الكيمياء من أجل بحوثها.
توفيت ميري من اللوكيميا و الذي كان ناجماً عن مرض الإشعاع. إن إضافتها للعلوم في وجه كل هذه الصعوبات كانت فريدة من نوعها.
كيف أثرت كيوري علي:
وقفت كيوري قوية أمام كل الصعوبات لتحقيق هدفها و دراسة مادة الراديوم، حتى أنها ضحت بحياتها لتحقيقه. أنظر إلي حياتي و أعلم على الفور أني إذا كنت لأصبح متفوقة، فعلي أن أسس الإخلاص للعمل عندي و أن لا أنحرف عن هدفي.
و هذا يولد سؤال: كم منا لديه هكذا إخلاص لأهدافه ، حيث أنه مهما واجه من عراقيل في الطريق إلى الهدف، يكمل ولا يتوقف؟!
ميري كيوري أعطت للإنسانية الكثير….و هذا ما أهدف إليه أيضاً!!
جاين جودال (-1930)
تخيلي أن لديك همة رائدة لدرجة أن تتركي وطنك لتعيشي في مكان بعيد لأجل غاية صالحة. هذا ما فعلته جودال بالضبط، فهي تركت منزلها و درست قرود الشيمبانزي لأكثر من 30 سنة، و في هذا الوقت أيضاً قامت بنشر دراساتها الممتدَّة.
عندما أتت جاين إلى تنزانيا، لم تتوقع أن تصبح عالمة فقط بدفتر ملاحظات و منظار. كانت مهمتها الأساسية عندما وصلت مراقبة سلوك الشيمبانزي و تدوين ما لاحظته. و بعد كل هذه الأبحاث، أثبتت جودال أن الشيمبانزي متشابه كثير للإنسان.
في هذه الأيام، تغيرت غايتها…فأصبحت تقنع الناس بأهمية الحفاظ عليهم و حمايتهم من الإنقراض. فرسالتها هي رسالة قوية و هادفة و أن بالأمل و الإرادة، يمكن للإنسان إعادة التوازن للكوكب. و بهذه الطريقة أيضاً يمكن للإنسان أيضاً إخراج الشيمبانزي و الكائنات من هوة الإنقراض.
كيف أثرت جودال عليّ:
أتذكر عندما كنت غي سن التاسعة و كنت أشاهد فيلم “المشروع إكس” و الذي ضم هيلين هانت و ماثيو برودريك. كنت منبهرة من ذكاء الشيمبانزي و كنت خائفة من طريقة علاجهم. ربما كان الفيلم أول خطوة تؤدي إلى إهتمامي بدراسة الحيوانات و فهم طبيعة الكون. و كنت مهتمة بفهم الشيمبانزي أكثر لأنه يشبه الإنسان كثيراً.
بعد ذلك سمعت عن جاين جودال و عملها. شاهدت ساعات من برامج ناشونال جيوغرافيك عن جودال و أعمالها. قرأت عن الشيمبانزي و فكرت بالعمل معهم و تدريبهم.
و مع أنني درست الأنثروبولوجي لفترة، تغيرت إهتماماتي و أهدافي. ولكن جودال جعلتني أرى أنه إذا كان لديك هدف، فيجب وضعها في واجهة و وسط حياتك لجعله يتحقق. نظرة جودال ألهمت العالم برسالة صغيرة حيث أن جهودها ساعدت الناس على تقدير الحيوانات و أهميتهم و منع قتل الشيمبانزي.