أنثى / وسيلة الحلبي
تقول الكاتبة فاديا فهد بين لائحة «فوربز» الممجّدة لأقوى نساء العالم، والواقع المرير للمرأة العربية، مساحة لنساء مهمّشات يعشن في الظلّ. يُزوَّجْنَ ويُطلَّقْنَ، يُشترَيْنَ ويُبَعْنَ من دون علمهنّ . لن تلحظهنّ اللائحة التي ضمّت مئة امرأة من أقوى نساء العالم ، بينهنّ ثلاث عربيات نفخر بهنّ : الكويتية شيخة خالد البحر التي تشغل منصب المدير العام للبنك الوطني ، والإماراتية وزيرة التجارة الخارجية الشيخة لبنى القاسمي ، والقطرية الشيخة ميساء بنت حمد آل ثاني، رئيسة مجلس أمناء هيئة المتاحف. لكن النساء اللواتي أتحدّث عنهنّ لا يشكّلن أيّ فرق في حسابات الصحافة العالمية، لأن «فوربز» تختار السيدات المؤثرات في صنع القرار، مراعية مقدار ما يحققنه من أرباح مالية ، ومدى اهتمام وسائل الإعلام بهن ، وعدد المتابعين لهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي . وهؤلاء لا حول لهنّ لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الإعلام الإلكتروني ولا الورقي أو التلفزيوني .كلّ ما يطمحن إليه هو فرصة لتقرير مصيرهنّ واختيار حياة بسيطة تشبه أيّ حياة طبيعية لامرأة عادية.
وعن عبارة ستر الفتاة في زواجها والتي يردّدها كبار العائلة ، فيسارع الأهل في المجتمعات العربية النائية الى تزويج بناتهم في سنّ مبكرة ، (لسترهنّ) . زيجات غير قانونية وغير شرعية ، تتمّ كالصفقات المشبوهة ، في ظلّ غياب القوانين الرادعة لتزويج الفتيات في سنّ مبكرة ، وقبل نضوجهنّ أحياناً ، وتترتّب على ذلك أضرار جسدية نتيجة الحمل المبكر، وأخرى نفسية مؤذية ، إضافة الى ذكريات جنسية بشعة ترافق الطفلة – الزوجة مدى الحياة . وتضيف الكاتبة فاديا فهد انها تقاليد فرضت ذاتها بمرور الوقت حتى باتت قوانين تُحترم . وأضافت بأن الربيع العربي جاءوجاء معه الأزمات الاقتصادية اللاحقة وانعدام الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي ، لتزيد الطين بلّة وترفع نسب الزيجات المبكرة في مجتمعاتنا العربية الى حدٍّ لم تبلغه سابقاً. وقد تحدّثت تقارير من مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن ، عن سوريين يعرضون بناتهم الصغيرات للزواج من زوار المخيّم من المتموّلين العرب. مضيفة أنه في ظل الظروف المضطربة كالتي تعيشها المنطقة ، تلجأ العائلات الفقيرة الى تزويج بناتها الصغيرات ممن يملك المال ، في صفقة تُسعَّر فيها الطفلة مثلما تُسعَّر السلعة ، وتباع وتُشرى أكثر من مرّة .
منوهة الى ما قرأته في الصحافة المصرية عن فتاة مصرية في الـ 14 من عمرها زُوّجت 21 مرة في شهر واحد . وقد تمّ شراؤها وبيعها في كلّ مرّة بمهر قيمته 30 ألف جنيه مصري إضافة الى 50 ألفاً للسمسار فكم هو مخيف بل مرعب هذا الوضع المأساوي لتلك الفتاة . وتتساءل الكاتبة بضيق قائلة : فهل يجوز الحديث بعد عن (ستر الفتاة) في زواج بات يشبه تجارة الرقيق وبيع الأجساد اليافعة؟ إن استخدام عبارات فضفاضة مثل (الستر و الشرف ) لقمع النساء واستعبادهنّ ، شبيه الى حدّ كبير بالشعارات السياسية الكبرى التي أطلقتها الأنظمة العربية الديكتاتورية البائدة لقمع شعوبها ، وعلى رأسها الوحدة العربية وتحريرالقدس ونصرة القضية الفلسطينية. وكم من الجرائم الإنسانية والسياسية ارتكبت تحت مظلّة تلك الشعارات، وباسمها، ولم نشمّ بعد رائحة تراب القدس، ولم نقبّله مرة؟!
وأشارت الى أن الأكثر إيلاماً وخزياً ان برلمانات الثورات العربية التي هلّلنا لها وعلّقنا عليها الآمال لتحقيق المساواة والمواطنة الكاملة بين كلّ طبقات المجتمع وفئاته، تأتي إلينا اليوم بمشاريع قوانين ودساتير مشبوهة، مثل خفض سنّ زواج البنات الى 16 عاماً ، وإلغاء تجريم ختان الفتيات ، وإلغاء قانون الخلع ، واعتبار المرأة مكمّلة للرجل ، لا مساوية له وغيرها من العناوين التي من شأنها أن تعيد المرأة قروناً الى الوراء ، وتلغي سنوات طويلة من النضال النسائي ، وتكرّس التمييز والعنف والقمع أكثر . فهل على المرأة العربية أن تدفع ثمن حقوقها الأساسية في كلّ الأزمنة ؟ وإلى متى؟وتطرقت في حديثها عن يوم الطفلة العالمي، هذا اليوم الجديد الذي أضافته الأمم المتحدة إلى روزنامتها الطويلة وتحتفل به للمرة الأولى هذه السنة ، بعدما دقّت الإحصاءات العالمية ناقوس خطر لجهة التمييز المتنامي ضد الفتيات منذ نعومة أظفارهن : من هدر حقوقهنّ بالالتحاق بالمدارس والحصول على رعاية طبّية لائقة ، الى العنف والتحرش الجنسي والختان والزواج المبكر وغيرها من الممارسات التي تمهّد لمجتمع يرجّح كفّة على أخرى . ورصدت التقارير عشرة ملايين فتاة حول العالم يتزوجن سنوياً قبل بلوغهنّ السنّ القانونية ، أيّ الثامنة عشرة ، وهو رقم مرشح للارتفاع,