أنثى
قلم ناضج سقطت اُولى ثمَاره في اوائل الستينات بكتاب الغني بقصص “عيناك قدري” لغادة السمان, هيَ أنثى شاهقة كتابتها، تروي المتعطش لقراءة، فهي تقول في احدى غضون كتاباتها ‘في سن والدي’: “أحسست أني امام إنسان يكره التملق يعرف جيداً كيف يدفن الماضي ببساطة ويهتم بالحاضر والمستقبل، وكنت أنا المستقبل. جلس طيلة أمسيته الأولى يداعبيني ويحدثني كأنني أعرفه قبل أن أولد . لم يكن كثير الحركة والقلق والضجيج كالشبان، لكن صوته كان عميقا ناضجاً مثقلاً بالتجربة, حديثه ألهب كل ثانية من ثواني أعوامي العشرين .)
هل شدة تعلقها بأبيها الراحل المحب التراث العربي والعلم والادب أو صلة القرابة لشاعر المرأة نزار القباني ورّثها حبر الأدب..! لم تكتفي غادة بأدب العربي فقد درست الادب الانجليزي، تساقطت لها مجموعة من الكتب و الرويات ومؤلفات الشعرية بعد هذا النجاح، ومنها :
زمن الحب الآخر
الجسد حقيبة سفر
السباحة في بحيرة الشيطان
ختم الذاكرة بالشمع الأحمر
اعتقال لحظة هاربة
مواطنة متلبسة بالقراءة
الرغيف ينبض كالقلب
ع غ تتفرس
صفارة إنذار داخل رأسي
كتابات غير ملتزمة
الحب من الوريد إلى الوريد
القبيلة تستجوب القتيلة
البحر يحاكم سمكة
محاكمة حب
رحيل المرافئ القديمة
زمن الحب الآخر
القمر المربع
الروايةالمستحيلة
سهرة تنكرية للموتى
كوابيس بيروت
ليلة المليار
بيروت
لا بحر في بيروت
وهي القصة الاخرى بعد “عيناك قدري ” التي تحكي عن (العاصفة تشرنق المدينة بالمطر و الظلمة و زعيق الريح, غرفتي خائفة مدفونة في أحشاء البناء، الساعة تلهث فوق الحائط و تكاد عقاربها تشير إلى الثانية عشرة مكتبتي المتخمة تتوهج بالتحدي، و المطر يتطفل على النافذة، وعلى وجهك الذي يطل أبداً خلف أية نافذة منذ عرفتك, أمامي حقيبة سفر مفتوحة ستكون ممتلئة بعد دقائق, و ورائي ساعة وحائط ومكتبة تمردت عليها )
ومن بعض اوراقها رمادية، خلقت لجرح تسكع في “تسكع داخل جرح” حاولت في كتابهِ رصد كسور الروح والنفس في زمن الانهيارات و الولادة، في زمن الخيانة و السمو في زمن بشري المتكرر و الجديد، بكسور العظام حين تبين موضعها وترسم خارطتها لكن كسور النفس البشرية حية متحركة نابضة قد تلتئم في ثانية و عبر حوار و قد تعاود انكسارها وتظهر فيها شقوق اكثر عمقاُ.”
رافق قلمها حيوان، طائر الليل البريء المحبوب لديها،كله عيونٌ واسعه و تصفها بالجمال، فـ أهدت كل بومه باقة من الكلمات المنبقة بقلمها المختلف “1بومة متملقة, قلت لي : الحب خط مستقيم كهذا، و رسمت خطا فوق البحر، و لحظتها ،، ولد الافق ! ،للظلام فضل على حبنا ، فلولاه لما عشقت ضوء حضورك في عتمتي ..
2- بومة من وردة من قرع؟ الفراق بابي وحين فتحت له ..اعطاني وردة الحب الاتي !
3-بومة تتقمص مهرة اتزلج على جليد قلبك ويطاردني بمخالبه ذئبٌ وحيد له وجهك اتزلج على كذبك و غدرك و اتظاهر بأنني لا ادري وانا اترك اثار حوافري على جليد قلبك واصهل : وداعا ً..
4 بومة غير ملتزمة .. قضيت عمري وانا احمل القلم بيد و الكفن بالاخرى وأنا احمل ” الكلاشينكوف ” بيد و الوردة باليد الاخرى وأنا احمل جواز سفري و ذاكرتي بيد وبطاقة الطائرة وامنياتي بيد الاخرى
الان , اريد ان ارمي بذلك كله الى البحر وأعانقك باليدين معا….”
كم هو محضوض طائر البومة عن كل الطيور بملامسة حروف غادة.
وهناك مقولات لاتتجاوز نصف سطر لها عادلت كتاب من أشهر مقولاتها :
“هناك أشخاص عندما تلتقى بهم تشعر وكأنك التقيت بنفسك.”
“كل الذين يكتمون عواطفهم باتقان، ينهمرون كالسيل إذا باحوا.”
“هبطتُ إلى القاع لأفهم شيئاً، فعضّتني الأسماك دون أن تكون جائعةً .. وفهمت.”
“الكحل ليس مرادفاً للتفاهة . التفاهة أن لا يكون في عيني المرأة إلا الكحل.”
“إنَّ مُراقبة الحياة تفسد الاستمتاع الكلي بها, لأنها تنقص من كثافة انغمارك بها.”
وغضبها خلق الاصرار في امتناعها عن اجراء اي مقابلة تلفزيونة و إنما جنون قلمها الممتليء بالانوثة الطاغية والحرية المؤلمة جعلها تواصل كتابتها في مجال الصحافةالعربية في بقعة الحرية لندن.